دراسة| لا علاقة لبرودة الطقس بانتشار فيروس كورونا
منذ بداية جائحة الفيروس التاجي، عُلّقت أمال كبيرة على درجات الحرارة في الصيف لناحية إمكانيتها من تقليل انتشار فيروس كورونا؛ ما لبثت هذه الآمال أن اندثرت مع ارتفاع درجات الحرارة. رغم ذلك، بقيت العلاقة بين الطقس وكوفيد 19 موضوعًا ساخنًا.
إنّ الربط بين الطقس وفيروس كورونا أمر معقد؛ إذ ثبتت الدراسات القديمة في هذا الإطار، أنّ الطقس يؤثر على البيئة الحاضنة لكوفيد 19 قبل إصابة أي شخص جديد، دون أن تنفي تأثير السلوك البشري، الذي ينقل الفيروس من مضيف إلى آخر. إلاّ أنّه اليوم تم دحض هذه الدراسات، في بحث جديد كشف عدم ارتباط الطقس بانتشار الفيروس.
لا علاقة بين الطقس وكورونا
يضيف البحث الذي أجرته جامعة تكساس في أوستن بعض الوضوح حول دور الطقس في عدوى كوفيد19، حيث كشفت الدراسة الجديدة أنّ الحرارة والرطوبة لا تلعبان دورًا مهمًا في انتشار فيروس كورونا.
هذا يعني أنّه سواء كان الطقس حارًا أو باردًا في الخارج، فإنّ انتقال الفيروس من شخص إلى آخر يعتمد بالكامل على السلوك البشري، ومدى اعتماده لإجراءات الوقاية.
في سياق موازٍ، قال ديف نيوجي، الذي قاد البحث والأستاذ في كلية جاكسون لعلوم الأرض في جامعة أوستن وكلية كوكريل للهندسة، إنّ تأثير الطقس منخفض جداً، وللميزات الأخرى مثل التنقل تأثير أكبر منه. “من حيث الأهمية النسبية، الطقس هو إحدى المؤثرات الأخيرة.”
ونشر الباحثون الدراسة في 26 أكتوبر / تشرين الأول في المجلة الدولية لأبحاث البيئة والصحة العامة، وشارك بها كل من سجاد جمشيدي، مساعد باحث في جامعة بوردو، ومريم بانياساد، طالبة دكتوراه في جامعة ولاية أوهايو.
لا علاقة للرطوبة والحرارة في انتشار الفيروس
إلى ذلك، حدّدت الدراسة الطقس في تأثيره على كورونا على أنّه “درجة حرارة هواء متكافئة”، تجمع بين درجة الحرارة والرطوبة في قيمة واحدة. وقام العلماء بتحليل كيفية تأثير هذه القيمة مع انتشار فيروس كورونا في مناطق مختلفة من مارس إلى يوليو 2020، مع نطاقها الذي يتراوح بين الولايات والمقاطعات الأمريكية، إلى البلدان والمناطق والعالم بأسره.
على مستوى المقاطعة والولاية، حقق الباحثون أيضًا في العلاقة بين الإصابة بفيروس كورونا والسلوك البشري، باستخدام بيانات الهاتف المحمول لدراسة عادات اجتماعية كالسفر والتنقّل مثلاً.
إلى ذلك، فحصت الدراسة السلوك البشري بشكل عام؛ من خلال المعايير المعتمدة، وجد العلماء أنّه ليس للطقس أي تأثير تقريبًا؛ إذ عندما تمت مقارنته مع عوامل أخرى، باستخدام مقياس إحصائي يقسّم المساهمة النسبية لكل عامل نحو نتيجة معينة، كانت الأهمية النسبية للطقس على نطاق المقاطعة أقل من 3٪ ، مع عدم وجود إشارة إلى أي نوع أو حال من الطقس يمكن أن يعزّز الانتشار.
السلوك البشري اليومي هو المعيار
في المقابل، أظهرت البيانات التأثير الواضح للسلوك البشري – والتأثير الضخم للسلوكيات الفردية. كانت الرحلات وقضاء الوقت بعيدًا عن المنزل من أهم العوامل المساهمة في انتشار الفيروس، حيث بلغت الأهمية النسبية لهما حوالي 34٪ و 26٪ على التوالي؛ كان العاملان المهمان التاليان هما كثافة السكان، وتنقل السكان بأماكن الخطر، بأهمية نسبية تبلغ حوالي 23٪ و 13٪ على التوالي.
إفادات الباحثين حول الدراسة الحديثة
وفي تقييم للدراسة، علّق بعض الباحثين المشاركين وغير المشاركين على مدى أهمية السلوك الفردي في اتباع الإجراءات الوقائية للوقاية من فيروس كورونا، مشدّدين على عدم ربط انتشار الفيروس بحال الطقس.
وقال الباحث جمشيدي في هذا الإطار: لا ينبغي أن نفكر في المشكلة على أنّها شيء مدفوع من الطقس والمناخ. يجب أن نتخذ الاحتياطات الشخصية، وأن نكون على دراية بعوامل التعرّض في مناطق الخطر.
وقالت بانياساد، الكيميائية الحيوية والصيدلانية، إنّ الافتراضات حول كيفية استجابة فيروس كورونا للطقس، تستند إلى حدّ كبير إلى الدراسات التي أُجريت في المعامل على الفيروسات ذات الصلة. وقالت إنّ هذه الدراسة توضح أهمية الدراسات التي تحلّل كيفية انتشار فيروس كورونا في المجتمعات البشرية. وتابعت، عندما تدرس شيئًا ما في المختبر، يختلف عن دراسته في المجتمع. “من هنا، كان الدافع الأول لدينا لإجراء دراسة أكثر شمولاً.”
وقال مارشال شيبرد، أستاذ علوم الغلاف الجوي بجامعة جورجيا والذي لم يكن مشاركاً في الدراسة: “إنّ البحث الجديد يقدم رؤية مهمة حول الطقس وفيروس كورونا عبر عدة مقاييس.”
وتابع شيبرد، “يوضح هذا العمل المهم بعض التلميحات حول علاقة الطقس بكوفيد19، ويسلّط الضوء على الحاجة إلى معالجة التحديّات العلمية بالمقاييس المناسبة”. معلّلاً ذلك، أنّ أحد الدروس الرئيسية لوباء الفيروس التاجي هو أهمية تحليل الظواهر على المستوى البشري – طريقة البشر في ممارسة حياتهم اليومية؛ مردفاً، إنّ هذا البحث هو مثال على هذا النوع من المنظور.
وكان الباحثون قبل هذه الدراسة، ينظرون إلى توقعات الطقس والمناخ كمعيار أساسي لناحية التأثير على الإصابة بفيروس كورونا؛ فأتت هذه الدراسة كي تقلب المعايير، بدءًا من مقياس التعرّض البشري ثم إلى المعايير الخارجية.
واعتبر علماء متابعون أنّ هذه الدراسة نموذج جديد سنحتاجه لدراسة التعرّض للفيروسات والأنظمة البيئية البشرية، التي تتضمن تقنيات استشعار جديدة وتقنيات شبيهة بالذكاء الاصطناعي.
لطيفة الحسنية